الجدوى السياسية بين الأضخم والأسرع

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 12‏/4‏/2024 14:14

سعيد أمرير.jpg (34 KB)

 
إن مشاهدة فيلم و ثائقي حول عالم الحيوانات يؤكد أن الفيل وغيره من الحيوانات الضخمة كان أكثر من مرة لعبة ، و ضحية سهلة بين يدي حيوانات أصغر وأضعف منه ، ولكنها أسرع منه وأقدر على الحركة والقفز!
 
في عالم السياسة المعاصرة وجود كتلة بشرية كبيرة لم يعد كافيا لكسب المعركة ، بل ربما أضحى عائقا ، لأن معنى القوة ، ومعنى النصر، ومعنى الهزيمة أيضا قد تغير، وكذا وسائل الحرب .
 
أقصد بهذا الكلام إلى ضرورة التركيز على الجدوى والفاعلية ، بدل الإهتمام و الإعتماد على الحجم ، طولا أو عرضا . فهناك دول صغيرة الحجم ، قليلة الإمكانيات ، الطبيعية ، و البشرية ، ولكنها بفعل إدراكها لقواعد اللعبة الإقتصادية ، والسياسية ، وقبل ذلك توفر الإرادة السياسية لديها أصبحت رقما كبيرا على الساحة الدولية ، سنغافورة نموذج رائد في هذا الصدد ، ويمكن أن نضيف إليها أمثلة أخرى كقطر وغيرها .
 
وعلى مستوى الأحزاب السياسية هناك أحزاب و حركات صغيرة لا تفوز في الغالب بمقاعد كثيرة في الإنتخابات ، مثل حزب الخضر في أوربا وغيرها ، ورغم ذلك فرضت على جميع حكومات العالم أجندتها البيئية ، وكذلك حزب الشاي الأمريكي الصغير جدا ، لكن النشيط جدا أيضا ، حيث يفرض أجندته الأيديولوجية اليمينية الأصولية على الحزب الجمهوري .
 
أما في ساحتنا المغربية فلايخفى الحجم الصغير لبعض أحزاب اليسار ، مثل النهج و الطليعة ، لكنهم لايقلون فاعلية ونشاطا عن غيرهم الذين يملكون كتلة بشرية كبيرة من الذين يحرصون على الإصطفاف والتنسيق معهم في عدة ميادين حقوقية وسياسية .
 
إنها دعوة إلى النباهة السياسية التي تخرجنا من الشكوى العاجزة إلى الوعود الناجزة ، ولا يكون ذلك إلا إذا تعلمنا من أين تؤكل الكتف ، تؤكل الكتف السياسية بامتلاك رؤية غائية ، لكن يجب تحيينها بشكل دائم عن طريق صناعة خطاب عضوي ( بالمعنى الگرامشي ) ، محلي ، و واقعي قبل كل شيئ ، وبامتلاك نصيب وافر من خصلة التواضع التي تؤهلنا لإنصاف الآخرين ، والتعلم منهم ، فقبل أن نكون أساتذة للعالم ينبغي أن نكون تلامذة نجباء كما قال الأستاذ ياسين رحمه الله في كتابه الواعد والمبشر "الإسلام غدا " .
 
الجدوى السياسية بين الأضخم والأسرع
رابط مختصر
12‏/4‏/2024 14:14
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.