إن سجنوك فلن يستطيعوا سجن الحقيقة!

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 17‏/6‏/2020 18:04

20200617_184036.png (509 KB)

عفاف برناني

«صاحبي الواعر» كما يحلو لي أنا أن أناديك، أنت حقا «واعر» ليس في نظري ونظر من يحبونك فقط بل حتى في نظر من يعاديك من بني جلدتك و«جلادك»، وليس هناك أصدق من هذا الظرف، لأقول للعالم لماذا أنت سجينهم. أنت كذلك لأنك رفعت شعار الحرية، التي لن يتذوقوا حلاوتها كما تفعل أنت، رغم أنهم سجنوك داخل أسوار عكاشة العالية والمسيجة، وغيبوك قسرا عن زوجتك وفلذة كبدك «هاشم».
أعلم أن بلاء ظلمة «السجن» لا يعادله مصاب، لكن ما لا يعلموه أنك أنت الحر لا هم، مهما حاولوا كسرك، فلن يستطيعوا، فمن ينطق بكلمة الحق لا يكسره ظلم ذوي القربى (الوطن) بخلاف ما قاله الشاعر طرفة بن العبد في معلقته: «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند». من شرفة جناحي الفاخر داخل منتجع سياحي تطوقه أزهار الأوركيد والزنبق وسيقان البامبو.. كما يحلو لصحافة الببغاء أن تصف مكان إقامتي، اكتب لك يا أسير الأمل والوطن، لعلي أذكرك ببعض ما عشناه معا ولو كان مرا.
هل تتذكر يا صديقي «ورطة القرن؟» أعلم أنك لن تنساها ولن تنسى كيف انهارت ألاعيبهم وخططهم، وانقلبت ضدهم، بعدما صدرت تقارير كثيرة عن منظمات حقوقية وازنة، أهمها تقرير الفريق الأممي الذي طالب السلطات المغربية بالإفراج عن توفيق بوعشرين، وفتح تحقيق ومحاسبة من انتهكوا حقوقه بعد جملة من الخروقات التي شابت الملف.
وأنا يا صاحبي! أتتذكر ماذا فعلوا بعفاف، حين رفضت الانضمام إلى حريم التجريم، وصرخت عاليا «عفيوني عفاكم الله» مما تخططون له، فتحولت بقدرة قادر من شاهدة في الملف إلى متابعة فيه، وأدانوني بالسجن النافذ، واستباحوا جسدي في منابرهم الإعلامية، وقالوا في ما لم يقله مالك في الخمر، لكنهم في النهاية فشلوا، فأصبحت أنا شاهدة على العصر وهم جلادوه.
«هاجر» يا سليمان، هاجر التي هزمت دولة! أتذكر الغربان كيف اعتقدوا أنهم لطخوا بدمها سمعتها، لكنهم ما لطخوا إلا أنفسهم، أتتذكر كيف جندوا «قلالين الرجلة» لتدمير شابة عزلاء! ورغم الظلم والقهر، دخلت العروس التاريخ وصار اسمها رمزا للحرية في العالم. حتى وإن سجنوك يا سليمان لن يستطيعوا سجن حقيقة مواقفك النبيلة، ووقوفك بجانب الحق، وشهامتك التي يشهد بها البعيد قبل القريب.
أتعلم يا صاحبي أنني لم أكف عن بعث الرسائل إليك، رغم أني أعلم أنك لن تقرأها، فأنت من علمني ألا أستسلم كيفما كانت الظروف، وأن الآتي أجمل، وأن العالم بخير، وأن الظلم سينجلي يوما ما. أتذكر يا صديقي وعدك لي بأن تصطحب أسرتك وتأتي لزيارتي في حديقة فيلاتي الخلفية كما يشاؤون لي أن أكون (من فمهم لربي)، وعلى رأي المناضل المعطي منجب، بصحتي.
ها أنا في انتظاركم داخل غرفتي الزجاجية المطلة على رمال ذهبية تتوسطها نخل باسقات ويحيط بها بحر هادئ. أتعلم يا سليمان أنك الأخ والسند والوطن الصغير الذي كنت ألجأ إليه كلما ضاق بي الوطن الكبير، أنت «عزوتي» يا صاحبي. كن مطمئنا يا صديقي، لا أحد يصدقهم، حتى الذين تواطؤا معهم ضدك بصمتهم عن قول «كفى.. اللهم إن هذا لمنكر»، فأنت أكثر العارفين أن سيناريوهاتهم أصبحت مستهلكة في العالم بأسره.
تأكد يا صديقي أنهم يسيئون لنفسهم وللوطن بإعلام «التزغريت» الذي يقوم بكل شيء إلا الصحافة. أتعلم يا سليمان أنه حتى عندما قرروا وأدك حيا كان باسم وحساب وهميين، بل حتى الضابطة القضائية استدعت شخصا باسم وهمي لمتابعتك!
أستغرب يا «صاحبي» من أين يأتي آكلو لحم الأموات والأحياء بكمية الحقد والغل التي يهاجمون بها كل من نطق بكلمة الحق. فقد سخروا إعلامهم و«محامين» أصحاب بذل سوداء مثل وجوههم، ليرددوا روايتهم، ويهاجموا كل من قال كلمة حق فيك. «صاحبي الواعر» العالم بأسره يعلم أن تهمتك ليست «هتك عرض بالعنف مع الاحتجاز»، بل هتك عرض الفساد بالعنف مع تسليط الضوء على رؤوسه.
كل ما أتمناه الآن أن يستحضر القضاء العقل في ملفك، حتى لا يكون النسخة الثانية من «قضية القرن»، وحتى لا أفتقد عبارة «ختي العزيزة». صديقي، ستظل سليمان الذي أعرفه، حرا، شامخا، مؤمنا وهموما بقضايا الوطن إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

إن سجنوك فلن يستطيعوا سجن الحقيقة!
رابط مختصر
17‏/6‏/2020 18:04
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.