صناع ومركبو الأسنان يطرحون مذكرتهم المطلبية

الحرية تي في - عادل الساحلى آخر تحديث : 9‏/2‏/2020 12:04

4859e38d-413b-49f4-91b5-e3cf081757c1.jpg (34 KB)ورد فيها أن مهنة صانعي ومركبي الأسنان، تعد من أقدم وأعرق المهن التي مُورست بالمغرب، إذ يعود ظهورها إلى العقد الأول من القرن العشرين، حيث تم تنظيم مزاولتها بظهير ملكي شريف صادر بتاريخ 12 أبريل 1916، والذي أوضح شروط وكيفيات ممارستها وحدد ذوي الإختصاص والأهلية لمزاولتها، ومنحهم تسمية معالجي الأسنان، قبل أن يأتي ظهير 19 فبراير 1960 ليعيد تنظيم المهنة.
وإذا كان الظهيرين الشريفين المنظمين للمهنة، لم يشيرا بتدقيق إلى تفاصيل ممارستها، فقد نشأت مجموعة من الأعراف لتنظيم المهنة، طيلة مدة وجودها، بموافقة من السلطات العمومية المركزية والمحلية، بل إن هذه الأخيرة زكتها ضمنيا من خلال منح تراخيص للعديد من المزاولين في السنين الأخيرة، إضافة إلى أن العرف الذي يولد بتواتر عمل ما، ولمدة زمنية طويلة واعتقاد المعنيين به بقوته الإلزامية، يرتقي إلى مستوى قاعدة قانونية ملزمة، بل الأكثر من هذا، فإن فقهاء القانون يعتبرون العرف مصدرا أساسيا من مصادر التشريع إلى جانب الشريعية الإسلامية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وحتى القضاء في حالة غياب نص قانوني لتأطير واقعة أو حدث ما، يلجأ إلى العرف ضمن ما يعرف بالاجتهاد القضائي للبث في النازلة المعروضة عليه، بمعنى أن العرف له مكانة أساسية في المنظومة القانونية المغربية.
إن استحضارنا لكل هذه المعطيات ضمن هذه المذكرة المطلبية، ليس من باب الإطناب في الحديث أو المفاخرة بتاريخ المهنة وعراقتها، بل يأتي بهدف تفنيذ الفكرة القائلة بغياب إطار قانوني ينظم المهنة، وأنها تغرق في العشوائية والارتجال والضبابية، والحال هو العكس من ذلك، فمزاولي المهنة ملتزمون بما يسمح لهم به القانون والأعراف المنظمة لمهنتهم، ما يزكي هذا الأمر، هو حكم البراءة التي استفاذ منه أكثر من 40 مهني بمدينة سلا وآخرون بمدن مختلفة ، بعد الشكايات الكيدية التي قدمت ضدهم، وادعى مقدموها أن المهنيين يخرقون القانون ويشتغلون خارجه وفي عشوائية تامة.
ومع كل ذلك، وإيمانا منا بضرورة التنظيم الدقيق للمهنة، والوقوف عند حيتياتها وجزئياتها وتفاصيلها الدقيقة، وعدم الإكتفاء بالنصوص القانونية الموجودة والأعراف السائدة، كان هاجس وضع قانون خاص بتنظيم المهنة وضبطها، من أهم القضايا التي شغلتنا كمهنيين وطالبنا بها منذ عقود من الزمن، حيث يعود تاريخ هذا المطلب إلى نهائية السبعينات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، ولعل المراسلات والمذكرات المطلبية التي تقدمنا بها كمهنيين إلى السلطات المركزية لخير دليل على ذلك، لكن مع كامل الأسف تفاجئنا في سنة 2014، بمشروع قانون رقم 25.14 المتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتوجات الصحة، يهدف إلى تنظيم العديد من المهن الشبه طبية، دون أن يشير إلى مهنة صانعي ومركبي الأسنان، لكنه في الوقت نفسه ينظم بعض الإختصاصات والصلاحيات التي اعتدنا على القيام بها، ما يعني حرماننا منها، الأمر الذي خلق نوع من الضبابية والغموض بخصوص مصير مزاولي صناعة وتركيب الأسنان.
إن مهنة صناعة وتركيب الأسنان لا تجد أهميتها في الجانب القانوني والتاريخي فقط، بل تستمده أيضا من الأساس الواقعي والبعد الاجتماعي، فإن المدقق في الامتداد الجغرافي لمزاولي المهنة سيلحظ بسهولة تامة انتشارهم الواسع وتغطيتهم لكامل التراب الوطني، خاصة بالعالم القروي، حيث يوجد حاليا ما يعادل 20 ألف مهني ينتشرون بمختلف المدن والقرى المغربية، بما فيها المناطق الجبلية والنائية، فتبلغ نسبة التغطية بالعالم القروي 100 بالمائة، فيما تبلغ في العالم الحضري حوالي 75 بالمائة.
بمعنى أن المهنيين يساهمون بشكل كبير جدا في توفير الخدمات للمواطنين المغاربة، وتقريبها إليهم أينما وجدو، وهو ما يمكن اعتباره مساهمة كبيرة وجد مؤثرة في حفظ الاستقرار الاجتماعي، ويعفي المواطنين من تحمل الآلام لساعات أو أيام، وقطع عشرات بل مئات الكيلومترات بحثا عن طبيب الأسنان مستقر بإحدى المدن الكبرى، لأجل القيام بتدخل بسيط جدا، هذا في الوقت الذي نجد فيه، أن الفصل 31 من الدستور تحدث عن إلزام الدولة والسلطات العمومية بتعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير استفاذة المواطنات والمواطنين ، على قدم المساواة من الحق في: العلاج والعناية الصحية.
إذا فنص الدستور يتحدت عن تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتوفير الخدمات الاجتماعية للمواطنين أينما وجدوا، ونعتقد أن الدولة والسلطات العمومية في الوقت الراهن عاجزة عن توفير الخدمات الطبية المتعلقة بصحة الفم والأسنان بالعالم القروي والمناطق النائية، دون مساعدة صانعي ومركبي الأسنان، خاصة إذا ما استحضرنا العدد القليل جدا لأطباء الأسنان، والذي بالكاد يصل إلى 5500 طبيب يستقر جميعهم بالمدن الكبرى، ناهيك عن تكاليف معالجة المرضى التي لا تتلائم مع القدرة الشرائية لأغلب شرائح المجتمع المغربي، هذا من جهة.
من جهة ثانية، يُراج أن صانعي الأسنان بالنظر إلى ضعف تكوينهم النظري كما يُزعم، يعرضون حياة المواطنين للخطر ويساهمون في نقل الأمراض، لكن الواقع شيء آخر، فالإحصائيات تؤكد أن حالات الوفيات التي تحدث في عيادة أطباء الأسنان، تفوق الحالات المسجلة لدى صانعي ومركبي الأسنان، كما أن هذا الأمر مؤطر بقانون تحت مسمى "الخطأ الطبي"، ولا مانع إطلاقا في أن نخضع له كمهنيين، استنادا إلى مبدأ المساواة أمام القانون، كما نريد أن نشير إلى أن صانعي ومركبي الأسنان باتوا في السنين الأخيرة يتوفرون على أحدث التجهيزات والتقنيات التي توفر السلامة الصحية للزبون.
فكرة أخيرة، نختم بهذا هذه المذكرة المطلبية قبل عرض مطالبنا، نود الإشارة إليها لأهميتها البالغة، تتمثل في أن الحكومة تنظر إلى صانعي ومركبي الأسنان على أنهم ينتمون إلى القطاع غير المهيكل، وحتى إن سلمنا بذلك، نشير إلى أن صاحب الجلالة نصره الله، أكد في خطابه الملكي السامي بمناسبة الذكرى 65 لثورة الملك والشعب على ضرورة تنظيم القطاع غير المهيكل، وتطويره والرقي به ليساهم في خلق الثروة، لا إقصائه والقضاء عليه، لخلق المزيد من المعطلين، حيث جاء في مثن الخطاب الملكي : "... وضع آليات جديدة تمكن من إدماج جزء من القطاع غير المهيكل في القطاع المنظم، عبر تمكين ما يتوفر عليه من طاقات، من تكوين ملائم ومحفز، وتغطية اجتماعية، ودعمها في التشغيل الذاتي، أو خلق المقاولة ... ". انتهى قول جلالة الملك.
وبعدها، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، جلسة عمل خصصت لتأهيل عرض التكوين المهني وتنويع وتثمين المهن وتحديث المناهج البيداغوجية، وكشف جلالته على عنايته المولوية السامية، بالمهن الشبه طبية، حيث جاء في بلاغ الديوان الملكي: " كما انصب الحرص الملكي السامي على التكوين المهني في قطاع الصحة، بما يشمل المهن شبه الطبية، ومهن تقنيي الصحة، لاسيما في مجال صيانة وإصلاح التجهيزات الطبية، حيث توجد إمكانيات حقيقية للتشغيل.
لذا نحن لا نمانع إطلاقا من الخضوع للتكوين التطبيقي الضروري واللازم لممارسة مهامنا على أحسن وجه، وتنظيم القطاع وما يتطلبه ذلك من القيام بواجبات المواطنة من دفع الضرائب، وغيرها.
وعليه فإننا نُجمل مطالبنا في ما يلي:
وضع قانون خاص بمهنة صانعي ومركبي الأسنان يضع تعريفا دقيقا للمهنة، ويحدد شروط ممارستها ومستويات تدخل المهني، ويحمي حقوقه ويحدد واجباتهم.
ضمان وظائف ومهام المهنيين، من خلال تمكينهم من التعامل مباشرة مع المواطنين، والاحتفاظ بجميع الوظائف والمهام التي يزاولونها قبل التقنين ولأكثر من قرن من الزمن، باعتبارها مكتسبات تاريخية لا محيد عنها.
تمكين المهنيين من الاستفاذة من الدورات التكوينية والتكوين المستمر، لكي يواكب المستجدات التي يعرفها قطاع صحة الفم والأسنان، وذلك بشراكة مع مختلف جمعيات المهنيين.
حق التنظيم والتمثيل في مختلف الهيئات الدستورية التي لها علاقة بمجال صحة الفم والأسنان، تفيعلا لمبدأ الديمقراطية التشاركية، واحتراما لمقتضيات الدستور خاصة الفصلين 12 و13.
وضع مرحلة انتقالية فاصلة بين مرحلة ما قبل التقنين ومرحلة التقنين لتمكين المهنيين من ملائمة وضعيتهم مع النظام القانوني الجديد.
التشديد على عدم هضم الحقوق المكتسبة لصانعي ومركبي الأسنان على مر التاريخ.



صناع ومركبو الأسنان يطرحون مذكرتهم المطلبية
رابط مختصر
9‏/2‏/2020 12:04
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.