ما وراء الإعلام

الحرية تي في - خولة الشرقاوي آخر تحديث : 4‏/5‏/2018 10:30

خولة الشرقاوي

Screenshot_20180429-191853.jpg (30 KB)

 -  يعد في وقتنا الراهن الخطاب الإعلامي ركيزة ينبني عليها فهم الواقع وصناعة اللاواقع لدى المتلقي، فبتراكم الصور يتشكل لديه واقع "مصنوع" وفق عدة سياقات ثقافية وأديولوجية لها خلفياتها في غرس الخطاب السياسي "المتفلس".

ففي أغلب الأحيان نجد أن الدال وهو الصوت أو الصورة أو الكتابة والذي يكون بمقدوره إنتاج دلالات متعددة تختلف باختلاف المدلول أو الغاية المرجو بلوغها وحسب "سويسر" فإن استحضار دلالتين أو أكثر ينتج لنا رمزا: signifier +signifier =sign ونجد هذا الدال في إعلامنا المغربي المتغرب يلعب دور الأداة و يستعرض في قالب جذاب لمضمون مغيب في الواقع المادي.

ويبقى العمل الأساسي للإعلام الوطني المغربي هو اللعب على تزييف الدلالة التي تخلق عند المشاهد عن طريق الدوال وذلك وفقا للمدلولات المرغوب في تقديمها، انطلاقا من التحكم في عقلية المتلقي بخلق "نسق" بين المدلولات والواقع المعاش؛ "خلق" هذا النسق لا يكون بطريقة عشوائية وسهلة المنال فالمتلقي غالبا لا يشك في مصداقية تلك الصورة الذهنية الناتجة عن علاقة الدال والمدلول وذلك بصناعة نساج سلس بين الأداة والمقصود مما يبني صورة تنتقل بيسر لعقلية هذا المتلقي، وتربط تلقائيا علاقة توافق بين "الصورة الذهنية المشكلة " والواقع المعاش و هذا "الاعتقاد" أو استراتيجية التوهيم تؤدي إلى إشباع غريزته المعرفية وتلغي رغبة الخطاب وتنفي "علامة الاستفهام " وهو ما يولد اعتقادا لديه بصيرورة الحركة بين الدال والمدلول -الأداة والقصد - أو -الواقع والواقع "المشكل"- .

ولهذا يصر "ماكلوهن" على أن فهم التغيرات الاجتماعية الثقافية مستحيلة بدون إدراك عمل وسائل الإعلام، وفي ظل هذا "التعتيم" الذي يقدمه إعلام بلدنا ظهر ما يسمى بـ "الإعلام البديل" والذي يؤكد ويكشف بالبرهان وجود قطيعة بين "الدال و المدلول" وأن إعلامنا الوطني متحكم فيه رغم ما يقال وما يشاع عن أسقف الحرية المزعم منحها له ولا زال يعاني من احتكار وبلادة، خصوصا التلفزيون الذي يمارس غواية في انسجام الدال والمدلول بتصنيع واقع مشكل ذهنيا و هو ما تؤكده نظرية "بودريار":" نقد الطابع الصنمي للصور" حيث تشير لخطورة تلك الصور المشكلة في السيطرة على الواقع التواصلي وإحداث قطيعة بينننا وبين العالم كون هذا الاتصال يحدث عن طريق الصور فقط، وما تحمله هاته الصور من شحنات تفرغ في عقلية المواطن فتسيطر على المنظمة الذهنية لديه وتحرمه من حق إعطاء حيز للتفكير في مضمون تلك الرسالة الإعلامية وللأمر أبعاد سياسية ماكرة كما ذكرت سابقا.

يمكن الرجوع لكتاب: الجزيرة و قطر خطابات السياسة وسياسة الخطاب.

ما وراء الإعلام
رابط مختصر
4‏/5‏/2018 10:30
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.