منسي في ثوب الحافلة

الحرية تي في - زكرياء لهلالي آخر تحديث : 9‏/10‏/2018 09:35

لهلالي زكرياء 

20181007_154441.jpg (202 KB)

كالعادة أجمع حقيبتي الصغيرة ... سروال بسيط و قميص به مكعبات مزركشة بالألوان قصد تشتيت انتباه الرائي الفضولي ... أتجه صوب المحطة الطرقية حيث عالم آخر ... ضجيج لا مثيل له ... 
يعترض طريقك أناس يعرضون عليك أوراق ويسألونك أين الوجهة .... تحاول تجاهلهم المرة الأولى فالثانبة ثم يصرون على مضايقتك ... فتجيبهم أن غايتك من المحطة دخول المرحاض لقضاء الحاجة ! فيرجعون لمشاكسة مسافر اخر ... 


تسحب ورقة السفر من رجل يسمونه ( غريسون ) تصعد للحافلة لتجد عالم اخر ... عالم مضحك محزن مقرف جميل كئيب .... يجمع التناقضات كلها .... رجل يرتدي جلبابا تقليديا يحمل قفة مملوءة بالبيض البلدي ودجاجتين وديك قوي الصوت كان يسلينا طول الرحلة بصوته العذب ويزداد فحولة حين يزاحم الدجاجتين داخل القفة فتصيح الدجاجتين كذلك بصوت ينم على أنهما غير مرتاحتين بوضعهما داخل القفة وبشغب الديك الذي لا ينتهي ..... وفي ناحية أخرى امرأة أربعينية تحمل طفلها الرضيع وتحاول إسكاته من البكاء الذي ملأ الفضاء وامتزج بصوت الديك والدجاجتين ..... وفي الجهة الخلفية أسمع قهقهات ثلة من الشاب ورقص على أغاني (سايس سايس ... وكي لقيت ليتبغيني ....) والسائق يحمل سيجارته ويستمع هو الاخر لأغاني شعبية قديمة تحكي زمن غابر ومغرب تقليدي عجيب وتاريخ كل (عطية ) يذكري بقضية سياسية عالجتها صاحبة الأغنية (العيطة) طبعا أغلب  من يستمع  لا يعي ما تقول يهمه الإيقاع .... بعد ذلك (لغريسون) بدأ بالجول داخل الحافلة يراقب اوراق السفر ليجد أحد المسافرين لا يتوفر على ورقة السفر ليبدأ الشجار والكلام النابي لينتهي الأمر بإنزال صاحبنا على قارعة الطريق لولا تدخل أحد الشيوخ والنساء ..... 


هدوء غريب بعد ذلك في الحافلة .... ليعود الديك بالصياح وتبدأ الحافلة من جديد في الصخب ورائحة البنزين داخلها وصوت المحرك الذي شاخ من فرط الاستعمال ..... وأنا قابع في مكاني ألاحظ وأمرر أفكارا غريبة وعجيبة وفضولية محاولا أن أفهم هذا الواقع .... في حين أنني لم أفهم لما افعل واتجسس على فعل الاخرين ..... 
صوت السائق : يالله أسيادنا عل سلامتكوم ..... 
اقف من مكاني متفقدنا حاجياتي على أن لا أنسى شيئا رغم أني منسي في ثوب الحافلة .... 


أنزل من الحافلة ليتكرر نفس السيناريو مع آخرين (أكادير اخويا ... صويرة اخوياا ) ...... أخرج إلى فضاء متنوع بين الحداثة والتقليدانية.... والبووووخ الخاوي ........ 
أذهب إلى منزلي ليتكرر كل ما حدث في دماغي ليمنع عني النوم .....


منسي في ثوب الحافلة
كلمات دليلية
رابط مختصر
9‏/10‏/2018 09:35
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.