القطيعة الكندية السعودية ، أو " أزمة سمر" !

الحرية تي في - الحرية تي في آخر تحديث : 7‏/8‏/2018 16:28

سعيد بوزردة

Dj72k4IXoAEUtZz.jpg (148 KB)

لم يكن من المتوقع أن تؤدي  تغريدة لوزارة الخارجية الكندية على حسابها في تويتر، حول اعتقال الناشطة، سمر بدوي، إلى نشوب أزمة بين البلدين، وانتشار بيانات دول عربية تتضامن مع السعودية، بل وإعلان جامعة الدول العربية تضامنها، بل وصل الأمر إلى إصدار بيانات لكبار علماء السعودية، يجمعون أن كندا تتدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، وهذا الأمر غير مقبول في العلاقات بين الدول.

كل هذه الجلبة على تدوينة تضمنت إسم السيدة سمر بدوي، وطالبت بالإفراج عنها هي ومعتقلي نشطاء حقوق الإنسان.

من هي سمر بدوي؟

تحمل الناشطة سمر بدوي، 33 عاماً، الجنسية الأمريكية وتعمل في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وقد طالبت بإنهاء نظام وصاية الرجل على المرأة، كما أنها شقيقة السجين والمدوِّن المعارض، رائف بدوي، صاحب "الشبكة الليبرالية الحرة" الذي سُجن بتهمة الإساءة للإسلام.

تدوينة كندا.jpg (94 KB)

وأثارت تصريحات رائف وآراؤه السياسية المناهضة لسياسة بلاده ضجة في وسائل الإعلام العربية والعالمية.

كما أنها زوجة المعارض والمعتقل، والمحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان، الأستاذ وليد أبو الخير. وجاء في تقرير لمنظمة هيومن رايت ووتش إن بدوي لم تكمل دراستها، وهي الآن تدرس المرحلة الثانوية التي حرمت منها سابقاً، ذلك أن سمر تركت التعليم وهي دون مستوى السادس ابتدائي.

هل تمارس سمر وأصدقاؤها أنشطة مشبوهة؟

حسبما تداوله نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وما أكدته منظمة هيومن رايت ووتش. فإن اعتقال سمر بدوي والناشطة السعودية، نسيمة السادة، في الثاني من غشت الجاري، جاء ضمن حملة ضد من سمتهم السعودية "عملاء السفارات" وتواصلهم مع جهات خارجية وتقديم الدعم المالي لجهات معادية للبلاد، ولحال أنهم نشطاء اجتماعيون في مجال حقوق الإنسان.

سمر وزوجها.jpg (169 KB)

عاشت بدوي في ملجأ "لرعاية النساء المعنَفات" في جدة عندما كانت في السادسة والعشرين من عمرها، وكانت قد هربت في وقت سابق من بيت والدها الذي "مارس العنف" عليها بحسب ادعائها منذ أن كان عمرها 13 عاما.

وتقول مصادر إن سمر رفعت دعوى قضائية ضد والدها المدمن على المخدرات بسبب تعنيفه لها وضربها على الدوام عام 2010.

واتهمها والدها بـ "العصيان" في ظل نظام "وصاية ولي الأمر" المعمول به في السعودية، فسُجنت على إثرها مدة سبعة أشهر، ثم أفرج عنها بعد أن أثار خبر اعتقالها ضجة وحملات تضامنية واسعة في العالم العربي والغربي، كما أن الوصاية عليها انتقلت لاحقا إلى عمها بدلا من أبيها، لم يلغى نظام الوصاية، ولكن سمر كانت أول من احتج عليه أمام القضاء من زاوية حقوقية واجتماعية صرفة.

سمر البدوي جائزة.jpg (192 KB)

وكان محاميها، وليد أبو الخير، الذي تزوجها لاحقاً عام 2011، هو من أطلق حملات التضامن والتوعية في وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول حقوق المرأة في السعودية.

ورفعت بدوي قضية ضد وزارة الشؤون البلدية لرفضها تسجيلها كناخبة في الانتخابات البلدية عام 2011، قائلة إنه لا يوجد قانون في البلاد يمنع صراحة تصويت النساء أو الترشح للانتخابات، ولكن ديوان المظالم اعتبر ذلك خطوة سابقة لأوانها.

شاركت بدوي في حملة قيادة المرأة السعودية للسيارة عام 2011 عبر قيادة سيارتها في ذلك العام وساعدت النساء في إجراءات الشرطة والتعامل مع الحكومة فيما يتعلق بهذا الأمر.

ورفعت دعوى قضائية في العام نفسه ضد الإدارة العامة للمرور في السعودية بسبب رفضها منح رخصة قيادة لها.

حملات تشويه ومواقف متباينة 

كل هذا النشاط كان دائما موثقا توثيقا يبعد عنه كل شبهة، وملتصق تمام بالحق في ممارسة نشاطات حقوق الإنسان، ولو ضدا في إرادة سياسية تقمع الحرية، وهو ما يجعل أمر دعم المؤسسات المانحة والراعية لنشطاء حقوق الإنسان واردا.

خلال النشاط الحقوقي لسمر وزوجها وكذا أخوها، لم يسلموا من حملة تشويه، تعبر عن انصراف دائم لخصوصيات لا علاقة لها بالأدب والقيم، كالتقليل من الشخص بسبب مستواه التعليمي، بل ووصل الأمر مرات عديدة لنشر الأكاذيب وبناء الكذب على مجرد السكوت، ملاحقة الشائعات أسرة المحامي رائف وزوجته سمر، جعلت العائلة تعيش كابوسا من التمييز العنصري داخل السعودية.

حملة تشويه.jpg (178 KB)

  فعندما كانت تواجه أباها المدمن على المخدرات، والذي عنفها مرارا على مدار أزيد من 10 سنوات، اقتنعت المحكمة بشيء مما جاء في عريضة الدعوى ومنحت مركز الأبوة القانونية / الوصاية لعم سمر، عبرت صحف وكتاب على شبكات التواصل الإجتماعي بالقول أن سمر مجرد كاذبة، ودليلهم أن المحكمة سألتها عن السبب الذي كان يجعل والدها يعنفها على الدوام ولم تجب، دليل على كذبها، ولم يتوقف أحد على أنه يمكن أن يكون دليل على حفظ ماء وجه والدها، وللعلم فقد سبق لوالدها أن رفع ذات دعوى العقوق ضدها ورفضت، وفي المرة الثانية لم تحضر سمر للمحكمة فاعتبر ذلك إقرارا منها وحكم عليها.

ووصلت الحملة أن استضيف والد سمر بالتلفزيون ليقول بأن زواج وليد وسمر هو مجرد سفاح، فقط لأنه كان يرفض تزويجها، ورفعت عليه دعوى العضل، وتزوجت بإذن خاص من المحكمة بأمر من أمير المنطقة، ونقلت الولاية عليها لعمها، وأخد تعهد على والدها بعدم تعنيفها أو الاعتداء عليها مستقبلا.

سمر وطفلتها.jpg (204 KB)

ومع كل هذا استمر النضال من أجل الحرية، دون أن تثبت أية مخالفات مما يروج بحملة التشويه.

سمر بين أمريكا وكندا.. !!؟

 سمر الحاصلة على الجنسية الأمريكية، منحتها وزارة خارجيتها خلال شهر  مارس 2012، جائزة على نشاطاتها وجرأتها ودفاعها عن حقوق المرأة السعودية، وهذه الجائزة واحدة من أهم الجوائز التي تمنح لعشر نساء عبر العالم، يناضلن بوجه مكشوف وصريح وبشجاعة من أجل الحرية والعدالة، وباعتبارها أمريكية الجنسية، ولأن أمريكا تقدم نفسها كراعية لحقوق الإنسان في العالم، فإن  القانون الأمريكي تتمتع بنفس الإمتيازات والحقوق التي يتمتع بها القس أندرسون المعتقل بتركيا على خلفية المشاركة في محاولة الإنقلاب الفاشل، ودعم جماعات ضد النظام القائم، 

أمريكا أقامت الدنيا ولم اقعدها على أندرسون بدعوى أنه رجل مسالم ورجل دين، ووصلت لفرض عقوبات على تركيا، مع العلم أنها لم تحرك ساكنا حماية لسمر بدوي، وكأن حقوق الإنسان في أمريكا مرتبطة بالأسماء، أو هي حكر على الرجال دون النساء، أو أن الأمر لا علاقة له بحقوق الإنسان، وهو مجرد واجهات لممارسات سياسية أمريكية.

وفي المقابل كان الموقف الكندي متناسق تماما مع نداءات وتقارير منظمات حقوق الإنسان مجتمعة، وهي تطالب بإطلاق سراح نشطاء حقوق الإنسان في السعودية، وعلى رأسهم سمر بدوي؛

وإلى حدود كتابة هذه السطور تحركت أمريكا فقط من أجل طلب إيضاحات بقصد التدخل لحل ودي بين السعودية وكندا حليفيها الاستراتيجيين، دونما أدنى ملاحظة بخصوص سمر بدوي الأمريكية الجنسية.

التهمة والإجراءات الحالية

وفقا لما ذكره رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ” علي الدبيسي ” في لقاء صحفي له  على خلفية هذه القضية، فإن التهم التي وجهت إلى سمر بدوي هي تأليب الرأي العام ضد الدولة ، وإدارة حساب زوجها السجين وليد أبو الخير في موقع تويتر بالإضافة على بعض التغريدات على حسابها التي نشرت من خلالها صورا للمعارض فوزان الحربي ، وقد تم نقلها إلى سجن ذهبان بالقسم الجنائي في جدة وهو نفس السجن المتواجد به زوجها وليد وشقيقها رائف .

متابعات فضفاضة، لإسكات صوت مغرد بالحرية، وتجمع عائلي في سجن صغير خلف جدران الكرامة، هناك حيث يقضي زوجها رئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية بتهمة الإرهاب،  الحكم عليه بـ15 عامًا، وشقيقها الحكم عليه بالسجن 10 سنوات، بعدة تهم بينها الإساءة للدين الإسلامي.

وعليه فالأزمة بين كندا والسعودية  الآن هي أزمة  من أجل حقوق إنسان، وحماية نشطاء الحرية.

 




القطيعة الكندية السعودية ، أو " أزمة سمر" !
رابط مختصر
7‏/8‏/2018 16:28
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء أسرة "الحرية تي في" وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.